ألقى فضيلة العميد أ د: سلامة جمعة داود كلمة في حفل تكريم فضيلة العميد السابق أ د: أحمد سعد ناجي؛ وفاءً لحقه هذا نصها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي مَنَّ علينا بصحبة الصالحين الأخيار، والصلاة والسلام على النبي المختار، وعلى آله وصحبه الأبرار ، ما تعاقب الليل والنهار.
” رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ” ( آل عمران8 )
” عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ” (الأعراف89)
” رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ” ( الممتحنة4 )
سعادةَ الأستاذ الدكتور أحمد سعد ناجي عميد الكلية
سعادةَ الأستاذ الدكتور محمد علي سعد وكيل الكلية
أساتذتي وشيوخي وزملائي أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة
سعادةَ الأستاذ الفاضل ياسر أبو شادي مدير الكلية
إخواني أعضاء الجهاز الإداري من الموظفين والعمال
أبنائي الطلاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا يوم أغرُّ من أيام هذه الكلية المباركة ، يومُ الوفاء والبر ، يومُ المحبة والمرحمة ، يومٌ تجلس فيه العائلة مع كبيرها ، الذي طالما رعاها وحباها وآواها ، وزادها عن مراتع الهلكة ، واختار لها أطيب ما يختار الراعي الصالح لرعيته ، وأطيب ما يختار الأب لفلذات أكباده وحبات فؤاده.
كنا وما زلنا حين نلقى عميدنا ونجلس إليه نلقى الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، نلقى الصدق في إهاب ، والجود في ثياب ، والعز في ركاب :
لَهُ خَلائِقُ بيضٌ لا يُغَيِّرُها صَرفُ الزَمانِ كَما لا يَصدَأُ الذَهَبُ
نَمَّتْ عَلَى فَضْلِهِ شَمَائِلُهُ وَنَفْحَةُ الْوَرْدِ سِرُّهَا عَلَنُ
نعم ، كنا كذلك ، وكان غيرُنا يلقى بغيره وجها عبوسا قمطريرا ، يرى ذئبا في مِسْلاخِ إنسان ، يقول لمن تحت يده : صَبَّحَكَ ومَسَّك ، ويقول مستأسِدا بلسان حاله :
إنْ تَلْقَنِي لا تَرَى غَيرِي بناظرةٍ تَنْسَ السلاحَ وتَعْرِفُ جبهةَ الأَسدِ
ومِثْلُ هذا الفظ الغليظ مهما جَمَّلْتَ صورته لا يتجمل ، ” وايش تِعْمِل الماشطة في الوش العِكِر ” !!
مرت الأعوام معك ياسعادة العميد كأنها يومٌ أو بعضُ يوم ، عشنا مع سعادتك انتقالَ الكلية من عهد إلى عهد ، ومن خير إلى خير ، ومن نجاح إلى نجاح ، ومن توفيق إلى توفيق.
– مؤتمرٌ علميٌّ ناجحٌ شَهِدَ له القاصي والداني عن المؤسسات العلمية ودورها في النهوض بالفكر اللغوي والحضاري ، شارك فيه أهل العلم والباحثون من كل مكان ، وكان ضيفَ الشرف فيه شيخُنا وأستاذنا سعادة الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس الجامعة السابق ، فجاء المؤتمر بمحاوره وبحوثه وتنظيمه وما قوبل به الضيوف من ترحاب وكرم آيةً ينطق بها كل لسان.
– وَحْدةُ الجودة التي صارت مَعْلَمًا من معالم نهضة هذه الكلية في ظلالك ، ومفخرةً من مفاخرها ودرةً في جيدها ، حتى حَصَلْنا على شهادة الجودة والاعتماد.
– إحياء النهضة العلمية في الأقسام العلمية في الكلية بمدارسة الأصول من كتب العلم في كل تخصص ؛ حتى صار للأقسام بمدارستها دَوِيٌّ كدويِّ النحل ، وقديما قالوا “من حُرِمَ الأصول ، مُنِعَ الوصول “.
– توحيدُ الصف ، ولَمُّ الشمل ، وتقريبُ البعيد ، وتأليفُ المختلف ، حتى صارت الكلية أسرة واحدة ، وكلمة واحدة ، وراية واحدة ، وهدفا واحدا ، وصرنا الآن نفخر بهذه الأرواح المتآلفة المتحابة في كل قسم وفي كل مكتب ، والحبُّ صانع المعجزات ، نفخر بكليتنا ، بشيوخها ورجالها ، وشبابها وشيبها ، وصغيرها وكبيرها ، حتى إننا لنفخر بمبانيها وملاعبها ووَحْدَاتها. وكليتُنا وَلُودٌ معطاءة ، تلد العُلا والسؤدَد ، كأنها عقيلةُ جعفرٍ التي قال عنها مَرْوانُ بن أبي حفصة :
لِلَّهِ دَرُّكِ يا عَقيلَةَ جَعفَرٍ ماذا وَلَدتِ مِنَ العُلا وَالسُؤدَدِ !!
ولا أَزِيْدُ الوصف فأفسدُه ، فالصمت في حَرَمِ الجمال جمالُ
– تتابعُ أعداد مجلة الكلية لنشر العلم والتيسير على الباحثين ، ومن بركات شيخنا العميد ، وليست بأولى بركاته ، أن بلغت مجلدات المجلة هذا العام فقط التي أَغْلَقَ اليومَ سعادةُ العميد حسابَها الختاميَّ خَمْسَةَ مجلدات ، تحتوي على ثلاثين بحثا ، بل وأَجَل القائمون على المجلة للعدد القادم خمسة بحوث جاهزة للنشر ، وما شهدت مجلة كليتنا منذ إنشائها على يد الولي المبارك التقي النقي العلامة الأستاذ الدكتور عبد الله ربيع محمود مثل هذا ، ولا قريبا منه ، ووراء هذا حِرْصٌ على نشر العلم لا حِرْصٌ على جمع المال من عائد المجلة ، ويا بُعْدَ ما بين ناشر وتاجر ؛ لذا تهافت أعضاء هيئة التدريس على مجلتنا من شتى كليات الجامعة ، بل ومن جامعات العالم العربي والإسلامي ؛ لما رأوا من زهد القائمين عليها ، وعدم إثقال كواهل الباحثين بشىء زائد عن تكاليف الطباعة.
– ومن إنجازات شيخنا العميد هذه القاعةُ التي نجتمع فيها اليوم : تَذَكَّرُوا كيف كانت ، وانظروا كيف صارت ؟ وهي صورةٌ مشرفةٌ للكلية في محافلها.
هذا غَيْضٌ من فيض جودك سيدي ، وقُلٌ من كُثْرٍ في بحر عطائك ، ولا يَطْمِسُ تلك المآثر والمفاخر إلا من يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم :
هل تطمسون من السماء نجومَها بأكفكم أم تسترون هلالها ؟!
ومن جميل ما تعلمت من شمائل شيخنا العميد أنه كان ماضيا في عَزْمَتِه ؛ لا يضره ما قال زيد وعمرو ، ولا يضره ما تدور به مجالس القيل والقال ، ومن قبل قال البارودي الذي اشْتُهِرَ بنَسَبِهِ إلى إيتاي البارود فطَغَى على نسبه إلى أبيه :
إِذَا أَنْتَ أَعْطَتْكَ الْمَقَادِيرُ حُكْمَهَا فَأَضْيَعُ شَيءٍ مَا تَقُولُ الْعَوَاذِلُ
سعادة العميد ؛ قُدْتَ السفينة في ظروف قاسية ، ورياح عاصفة ، وتيارات هُوْجٍ تجتاح معاهدنا ومدارسنا وجامعاتنا ، تيارات التغريب والتغييب ، التغريب الذي تَنَكَّرَ فيه رجالٌ منا لعلومنا وثقافتنا حتى صرنا لا نعرف منها إلا الأسماء ، أو كما قال أبو الطيب في مغاني شِعْب بُوان وهو مكان بين جبلين كان من مفاتن الدنيا ومحاسنها :
وَلَكِـنَّ الفَتـى العَـرَبِيَّ فيها غَريبُ الوَجهِ وَاليَدِ وَاللِسانِ
رحمك الله يا أبا الطيب ، ما أصدقَ كلامَك ، وما أصحَّ لسانَك! صرنا نرى في بعض معاهدنا وجامعاتنا ومنتديات الفكر والثقافة في بلاد العرب نحوا غير النحو ، وبلاغة غير البلاغة ، وأدبًا غير الأدب ، ونقدًا غير النقد ، وتاريخًا غير التاريخ ، حتى غُبِّرَ في وجوه الرجال ، ودارت بنا الدنيا ، وتغيرت الأرضُ بمن عليها ، واختلط الحابل بالنابل ، وصدق على هذا الواقع المرير قول البارودي :
تَشَابَهَتِ الأَسَافِلُ بِالأَعَالِي فَمَا يُدْرَى الْهَجِينُ مِنَ الْهِجَانِ
ولا يَرُدُّ هذه الهجماتِ الشرسةَ عن ثقافتنا وفكرنا ومعاهدنا وجامعاتنا إلا كلُّ حُرٍّ أبيٍّ صامدٍ مرابطٍ على ثغر من ثغور الدين واللغة والفكر والثقافة ، وكان شيخُنا العميدُ المُكَرَّمُ من هؤلاء الحُماة الصامدين المرابطين على ثغر من تلك الثغور ، يحافظ على الأصالة وثوابت الفكر واللغة ويعصمها من الضياع ويقول عن هذا الإرث الكريم مقالة إمام البلاغيين الإمام عبد القاهر الجرجاني ” إن لم يكن هذا كَدِّي ، فهو تَعَبُ أبي وجَدِّي “.
وبعدُ :
سيدي العميد :
لك في رقابنا ديونٌ لا نستطيع أن نردها ، ديون الفضل والمعروف والمروءة ، ديون التعليم والتثقيف والتأديب والتهذيب ، وقديما قالوا ” عارٌ على الكريم أن يموت وعليه دين من ديون المروءة ” ؛ فقل لي بربك : كيف نَجزيك وقد كثرت عندنا أياديك ؟ وكيف ننجو من معرة عدم الوفاء بديون المروءة ؟ لم يبق لنا سبيلٌ إلى الوفاء إلا بأن تعفوَ وتصفحَ وتسامحَ ، وأنت كريم ، والعفو من شيم الكرام.
سيدي العميد :
في يوم تكريمك لا نملك إلا شرف الكلمة ، فأهديناها لمقامك العالي :
جَعَلتُ هَدِيَّتي لَكَ فيهِ وَشياً وَخَيرُ الوَشى ما نَسجَ اللِسانُ
دمتَ لنا فخرا وشرفا وعزا وسندا ، ودام عطاؤك ممتدا ، أقرَّ الله تعالى عينك بما ترضى في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
سلامة جمعة على داود
دسوق يوم السبت 24 ربيع الآخر 1441 هـ
21 ديسمبر 2019 م
استقبلت الكلية اليوم معالي رئيس جامعة الأزهر الأستاذ الدكتور محمد حسين المحرصاوي، وفضيلة مفتي الديار المصرية الأستاذ الدكتور شوقي علَّام، ومعالي اللواء هشام آمنة محافظ البحيرة وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد الأمير نائب رئيس الجامعة للوجه البحري، وسعادة الدكتورة نهال بلبع نائب محافظ البحيرة إضافة إلى جمع غفير من القيادات الجامعية والتنفيذية وأعضاء مجلس النوَّاب، وذلك في إطار احتفال الكلية بحصولها على الاعتماد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، خاصة وأن كلية اللغة العربية بإيتاي البارود أولى كليات محافظة البحيرة التي تحصل على الاعتماد من الهيئة القومية.
(وبعد قليل سنوافيكم بملف كامل مصور الزيارة)
.
أقامت الكلية اليوم بالتعاون مع الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد دورة تدريبة للسادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة عن نظم الامتحانات وتقويم الطلاب لمؤسسات التعليم العالي، ومن المقرر أن تستمر الدورة لمدة يومين، ويحاضر فيها فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالحفيظ محمد عبد الرحمن وكيل كلية التربية بجامعة الأزهر سابقًا والمدرب المعتمد في الهيئة القومية لضمان جودة التعليم.
.
تعنى الكلية ببالغ الحزن والأسى شيخنا العلامة الأستاذ الدكتور محمد الأمين الخضري أستاذ البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، الذي وافته المنية صباح اليوم،
وتتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى أهله وتلامذته ومريديه، ندعو الله عز وجل أن يرحم شيخنا ويغفر له وأن يرفع درجته في المهديين، وأن يخلفه في عقبه في الغابرين، وأن يجعل ما ترك فينا من علم ننتفع به ذخرا له عند ربه وشفيعا.
انتهت اليوم الثلاثاء علي خير زيارة لجنة اعتماد الكلية برئاسة الأستاذ الدكتور علاء الدين النعناعي وعضوية كلٍ من الأستاذ الدكتور ندا الحسيني والأستاذ الدكتور نادر عبد الدايم والأستاذ الدكتور عصام عامرية، والكلية تتقدم لهم بخالص الشكر والتقدير على سعيهم وتحملهم مشاق السفر وعناء التدقيق والمراجعة خلال الثلاثة أيام الماضية.
كما تتوجه بخالص الشكر والتقدير للسادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والطلاب والخريجين والإداريين والعمال علي تفانيهم وإخلاصهم لأجل رفعة كليتهم، ونرجو الله عز وجل أن يكلل تلك الجهود الطيبة بالتوفيق والسداد